بدوي شلبي .. الطفل الكبير

بنك مصر الشهادة الدولارية

الخميس 02 سبتمبر 2021 - 15:08

قبل 10 سنوات تقريباً، كان اللقاء الأول على أحد المقاهي القريبة من منزلي، شاب ريفي على طبيعته خفيف الظل كثير الضحك، في لحظة يقترب منك ويدخل قلبك، ويكسر بابتسامته كل الحواجز ويفك بعفويته جميع الطلاسم.

خلال عقد من الزمان.. شاركني كل لحظات انكساره وانتصاره، حكي لي أسراره واحلامه، منحني بمحبته الزائدة شرف أن أكون له أخاً أكبر ناصحاً سواء في عمله أو حياته بحلوها ومرها.

"أقسم بالله أنت أكتر واحد بحبه" – هكذا يقول لي وكنت أقول له ممازحاً "قولتها لكام واحد يا بدوي بيك"، فيضحك ويقولي "يا عم هو أنا عايز منك حاجة، مافيش مصلحة بيني وبينك تجبرني على كده".. وأنا أقسم بالله أنني أحبك.

لم يكن بدوي زميل صحفي التقيت به في دروب العمل، أو صديق طفولة فرقتنا الأيام، بل كان أخ شقيق صغير السن كبير القلب أدخلك بحب وشغف في كل تفاصيل حياته، تنصحه تارة وتعنفه أخرى وتشد على يده مرات، وتفرح بنجاحاته، كان مثل الطفل الكبير  الذي تسلل إلى داخلي فجأة وبدون إنذار ليصبح أخاً شقيقاً وجزء من حياتي.

تمر المواقف والذكريات بيننا كأنها منذ لحظات، لا أنسى فرحته بحصوله على عضوية نقابة الصحفيين، ولحظة شراءه أول سيارة ولحظة زواجه، وبناته أحلى ما في حياته، وعشقه لأمه المجاهدة الصابرة وحلمه بأن يفرحها ويجعلها فخورة بمن زرعته وروته على مدار السنين، وأخواته وأهله وسعيه لأن يكون لهم سنداً، وتفاصيل عمله وحبه للجميع وحلمه بمشروعه الخاص.

تواصلت معه منذ شهور قليلة، هتف بنفس فرحة الطفل الصغير أنا نجحت يا أبوهارون نجحت وأكتر واحد عايز أفرحه أنت، عارف أنك حتفرحلي.. كنت فرحان لفرحه، واتفقنا على اللقاء.

اللقاء الأخير.. عندما التقيت به وجدت الطفل الصغير وقد كبر وزاد جده وقل هزله، حكي لي ما مر به من أزمة صحية (قبل أزمة  الوفاة الأخيرة)، وحكي لي عن بناته وحياته، وحلمه الذي أرادني مشاركاً فيه، وعند الوداع طلب لأول مرة أن نلتقط صورة تجمعنا، وكأنه أراد أن يترك لي ذكرى قبل الرحيل.

أن تكون قريب من تفاصيل إنسان في اخفاقاته ونجاحاته وذروة أحلامه وسعادته ثم فجأة يختفي، فتشعر أن جزءاً من حياتك وفرحتك وحلمك الذي كان يتحقق أمامك قد فُقد.. بدوي بمعافرته في الحياةوأحلامه المؤجلة كان يجسدني ويعبر عني.

أعترف لك يا بدوي بعد الرحيل.. لم أكن أعرف أنني أحبك بهذا القدر، ولم أستوعب ولو للحظة أنك ستفارق، وفي كل مرة أتصل بك في أيام المرض الأخيرة ولا ترد، لم يتسرب لي القلق عليك، فقد كنت واثق أن قلبك وابتسامتك ودعاء المحبين سينجيك.. لكن الله اختار لك النجاة لديه وبين يديه.

أعترف لك يا بدوي الأن أنك كنت الأخ والقلب والحب الكبير.

سلام يا صاحبي وإلى لقاء قريب

محمد هارون

 

التعليقات

استفتاء

ما رأيك بــ الصفحه الجديده للشبكة ؟


  ممتاز

  جيد

  لا بأس

  ضعيف
نتائج الاستفتاء

أحدث الصور

غاز مصر
image title here

Some title